15‏/02‏/2009

هل نواصل صيد السمك في البحر الميت؟!!




ما زلنا نتحدث كعرب عن السلام، وليس أي سلام بل السلام العادل والشامل. وما زلنا نتحدث عن التسوية، وليس اية تسوية بل التسوية التي نستعيد بها ما اغتصب من اوطاننا، ويعود بها الفلسطينيون الى ارضهم التي اقتلعوا منها، وطردوا منها. وما زلنا نتحدث عن الشرعية الدولية وعن الامم المتحدة وعن القرارات والتوصيات والبيانات، ونواصل اتصالاتنا وزياراتنا وبياناتنا، والصراعات الاكثر عنصرية واكثر عنفاً واكثر عمقاً واتساعاً بين معتدلين ومتطرفين، وبين قابلين ورافضين وبين حاملي بنادق بلا رصاص وحاملي حمائم بلا مناقير!.


يظل كل شيء في مكانه، تجري انتخابات الكنيست بكل شفافية فيحمل الاسرائيليون الى مجلسهم التشريعي المتطرفين والمتطرفين جداً والمتطرفين بلا حدود الذين تفرق بنيهم الاسماء وتوحد بينهم المسميات، قتلة الى جانب قتلة، وارهابيون خلف ارهابيين، بعضهم يشرب دمنا بكؤوس من الورق، وبعض ثان يعبه بكؤوس من البلاستيك وثالث لا يرى مناسباً لشفط هذا الدم سوى اكواب مصنوعة من زجاج، نصف تسيبي ليفني زعيمة كاديما العائدة للتو من قطاع غزة بالمرأة المعتدلة نسبة الى نتنياهو وليبرمان، ونصف نتنياهو بالرجل المعتدل نسبة الى ليبرمان، ونقف في الصف للمرور اليهم حاملين اكفاننا وقد كتب عليها (ما اخذ بالدم والبنادق والقذائف يسترد بالحبر والحمام وحتى طيور الكناري).


انهم يتواصلون ويتفاوضون لتشكيل حكومة صهيونية جديدة، لا خلاف بينهم ولا اختلال في اهدافهم النهائية قهر الامة واحتلال المزيد من اوطانها وقتل وتشريد الملايين من ابنائها. اما الخلافات والاختلافات فهي على الوسائل ومهمة كل طرف. هناك من يصر على ان يتولى ذبح الشاة المسكينة وهناك من يصر على سلخها، وهناك من يصر على تقطيع لحمها ونزعه عن عظمه، وهناك من يصر على ايقاد النار والبدء في الشواء وهناك من ينتظر كي يبدأ الاكل قبل الاخرين ونواصل حديثنا عن السلام وعن التسوية وعن المواثيق والقرارات الدولية وعن ما لا يحصى من اللقاءات والمؤتمرات والجولات والمباحثات التي انتهت مجتمعة الى حقيقة ان ليس في البحر الميت سمك، وان هذه المحاولات الدؤوبة منذ اربعين عاماً لم تحمل سناراتها الى الصيادين سوى عيدان وخيطان واسلاك يباع الطن الواحد منها بقرش واحد أو اقل!.


تقدم الاسرائيليون نحو اليمين بهمة عالية وحماس توراتي، واختاروا من اعتقدوا انهم الاكثر كفاءة في محاربة العرب وتدمير أوطانهم، وامام صناديق الاقتراع لم تأخذ الحيرة الاسرائيليين، فقد كان هناك صندوق للمتطرفين وصندوق آخر للمتطرفين، فاذا وضعت ورقتك للسيدة ليفني ذهبت مباشرة للسيد نتنياهو واذا وضعتها للسيد نتنياهو توجهت مباشرة الى ليبرمان هذا الذي طالب وهدد بابادة جميع الفلسطينيين وهدد باغراق مصر بمهاجمة السد العالي، ونتنياهو نعرفه جميعاً، اما ليفني فقد ولدت لأب ارهابي بامتياز ولأم ارهابية كانت تنفذ اخطر الاعمال ضد الشعب الفلسطيني وضد قوات الانتداب البريطانية، ووالدان بهذه المواصفات لا يمكن ان ينجبا راهبة ترعى المرضى وتداوي الجرحى وتروي الحكايات للاطفال وخاصة الاطفال الفلسطينيين.


ويبقى سؤال موجع:.هل نواصل تقدمنا نحو الصهاينة حاملين اليهم اغضان الزيتون، وهم يتقدمون نحونا بشفرات الجرافات والقنابل الحارقة يجتازون اولاً كل اشجار الزيتون في الضفة والقطاع، حتى يصلوا الينا بالموت والدمار والنار، وعندما نرفع اصواتنا سائلين المجتمع الدولي ان يدين ما نتعرض له وان يقف الى جانبنا للدفاع عن انفسنا، تتحرك الطائرات والدبابات الصهيونية وقاذفات اللهب نحو مقار ومخازن وموظفي الامم المتحدة تعبيراً من العدو عن حجم احتقاره للشرعية الدولية ومبادئها وقراراتها ومع هذا نواصل الاتصالات والتواصل مع الاخرين نشد على رغبتنا في السلام حتى لو تأخر وسكن الى جانبنا داخل قبورنا!!.



جريدة الرأي الأردنية

خالد محادين - 15 شباط 2008

ليست هناك تعليقات: