مدونات فلسطينية (2)

كنا ثمانية و ثلاين على أرض مدرسة النجاح راقدين، و الكل نيام عدا اثنتين،إحداهما ذات صوت دافئ الرنين تحدث أخرى داكنة العينين تقول لها أنجبته بعد انتظار، من طبيب لآخر إلى أن شاء المولى و بعد أربعة عشر من الأعوام أتى، كنت أعلم أنني سأحبه لكنني لم أعلم أن الحب قبله لم يزر حياتي حقا، أرقبه و أنا أخشى أن تسهو عيناي عن لحظة أحبه و أفرح لوجوده أكثر، انهال القصف و فررت به إلى هنا ففي المدارس الجميع في مأمن، و ما كادت تقول حتى انفجر شيء فينا جميعا. أين الطفل و أمه الآن؟ أنا أرقد على بلاط آخر بارد أرضية مستشفى ممتلئة برائحة الدم أتنقل بين الغرف و الوجوه و الأصوات أبحث عن تلك الأم و لا أجدها و لكنني وجدت داكنة العينين تقول لطبيب أشقر لا أهل له و لا منزل دمر منزله و مات أبوه و نجت أمه هاربة إلى ما ظنناه الملجأ فماتت تحميه بجسدها عندما انهار انهار السقف و اخترقها القذف الأهوج !! و تقدمتحينها و قلت: للطفل أهل فأنا و كل من عليها أمه و أبوه و أصحابه و ذويه !

إلى أهلي الكرام أدون رسالة لن تصل عبر البريد العادي قد يحملها شوقي إلى قلوبكم و عبر صلة الحب بيننا تصلكم، أنا اليوم استعدت لحمي المسلوخ و بشرتي النقية و عيناي كذلك، حتى شعري عاد أسودً داكن منسدل على جبهني أروع مما كان. لا آلام احتراق اليوم و لا تؤوهات و لا صرخات تمزق، أنا هنا أريد فقط أن أقول لأبي بأننا سنلتقي قريبا و سأشتم عطر حضنك و نمتطي معا جواد الارتياح الأبدي معا و أخيرا،لا تأسفي أمي و لا تحزني أنني رحلت، انا اليوم في عالم لا أحيى فيه بحروقي و أوجاعي لا احتاج إلى النظر في وجه هؤلاء الطغاة كلما عبرت الشارع، لا أنتظر ساعات على النقاط التفتيشية كلما أرادوا التسلية قليلا ، لا أخشى ثورة الرصاص الطائش و الأهم أنني لا أشتم رائحة الاحتلال ، أنا هنا بانتظاركم جميعا، طال الانتظار أم قصر، نحن و فلسطين سنخلد فيها سوياً و يشطبون من الحياة ماضيها و حاضرها جميعا.